إلى الكسائي وهو في فراشه، فأقرأته الرقعة، فقال لي: خذ الدواة واكتب: ((أما من أنشد البيت بالرفع فقال عزيمةٌ ثلاثٌ، فإنما طلقها واحدة وأنبأها أن الطلاق لا يكون إلا بثلاثة، ولا شيء عليه. وأما من أنشد عزيمةٌ ثلاثا فقد طلقها وأبانها، لأنه كأنه قال: أنت طالق ثلاثا)) . وأنفذت الجواب، فحملت إلي آخر الليل جوائز وصلاتٌ، فوجهت بالجميع إلى الكسائي.

شرح هذه الأبيات على الحقيقة:

في قوله ((فأنت طلاقٌ)) وجهان: أحدهما أن يكون مصدرا في موضع اسم الفاعل، كما قيل زيد عدل أي عادل، وصومٌ أي صائم، وجورٌ أي جائر، وماء غورٌ أي غائر. قال الله تبارك وتعالى: {إِنْ أصبح ماؤكم غوراً} فيكون التقدير: أنت طالق.

والوجه الآخر: أن يكون حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كما يقال صلى المسجد أراد أهل المسجد، وبنو فلانٍ يطؤهم الطريق، وكقوله عز وجل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أقبلنا فيها} فيكون التقدير على هذا: أنت ذات طلاق. كما قالت الخنساء:

ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبالٌ وإدبار

تريد: فإنها ذات إقبال وذات إدبار. وقوله: ((ثلاثا)) تروى بالنصب والرفع، فمن نصب أراد فأنت طالقٌ ثلاثا، هذه تطلق لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015