المبتدأ بعينه لم يكن إلا مرفوعا، كقولنا: زيد منطلق، وعبد الله قائم، وما أشبه ذلك. وكذلك إذا قلنا: مررت برجلٍ أبوه قائم، فالقائم هو الأب في المعنى، فلا يجوز أن يختلف إعرابهما.

قال: فقد جاء في الشعر الفصيح الذي هو حجةٌ مثل هذا الذي تنكره. قال امرؤ القيس:

فظل لنا يومٌ لذيذٌ بنعمةٍ ... فقل في مقيل نحسه متغيب

تقديره: فقل في مقبل متغيب نحسه، ثم قدم وأخر كما ترى. فقلت له: ليس هو على هذا التقدير. فوقع لي في الوقت خاطر، قال: فأي شيء تقديره؟ قلت: تقديره فقل في مقيل نحسه، وتم الكلام، كما تقول: مررت بمضروب أبوه كريم، والتقدير مررت برجل مضروب أبوه، ثم تجعل كريما نعتا للمتروك الذي في النية، فكأنه قال: فقل في مقيل نحسه. يقال: قال نحسه، أي سكن. والنحس: الدخان أيضا. ثم قال متغيب بعد أن تم الكلام، كأنه قال متغيبٍ عن النحس. فقال: هذا لعمري وجهٌ على هذا التقدير.

قال أبو الحسن: فحدثت أبا العباس المبرد بما جرى فقال: هذا شيءٌ خطر لي فخالفت النحويين؛ لأنهم زعموا أنه أتى به امرؤ القيس ضرورة. ثم رأيته بعد ذلك قد أملاه.

واعلم أن الأسماء كلها يعطف عليها إلا المضمر المخفوض، فإن العطف عليه غير جائزٍ إلا بإعادة الخافض، كقولك: مررت بك وبزيد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015