وقع في هذه الحكاية سهوٌ من الحاكي لها أو من الناقل، وذلك أنه حكى أن المازني حضر مجلس الجرمي، وهذا غلط، والذي حدثني به علي بن سليمان وغيره أن الجرمي تكلم بهذا بحضرة الأصمعي والسائل له الأصمعي. وإنما كان ذلك على الأغلوطة والتجربة.
ومعنى الأبيات أن العرب كانت لا تندب قتلاها ولا تبكي عليها حتى يثأر بها، فإذا قتل قاتل القتيل بكت عليه وناحت. يقول: من كان مسرورا بمصرع مالك فقد قتلنا قاتله، وهؤلاء النساء يندبنه.
والدليل على ذلك قوله: ((حواسرا)) لأن النساء لا تكشف رءوسها إلا بعد أن أدركت بثأر قتلاها.
وقوله: ((بوجه نهار)) حكى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه موضع، وقال هو وغيره: وجه النهار: أول النهار. وقال الله جل وعز: {وجه النهار واكفروا آخره} .