لم يعرفني أحدٌ منهم البتة، لسوادي وخلوقة ثيابي، فسلمت وجلست في ناحيةٍ من المسجد، فسمعت بعضهم يقول [لبعض: هذا حائك. فقال بعضهم] : إن كان حائكاً فسوف يقرأ سورة يوسف. فما زلت ساكتا لا أكلمهم ولا أنضم إليهم، ثم قمت فأتيت القارئ الذي يعرض على حمزة فجلست عنده قريبا منه، فلما فرغ من قراءته جلست باركا بين يدي حمزة، ثم ابتدأت فقرأت سورة يوسف، فلما بلغت الذيب قال لي حمزة: ((الذئب)) بالهمز، فقلت له: إنه يهمز ولا يهمز أيضا. فلم يقل لي شيئا، فلما فرغت من السورة قال لي حمزة: بارك الله عليك، إني أشتبه قراءتك بقراءة فتى كان يأتينا يقال له علي بن حمزة. قال: فقمت عند ذلك وسلمت عليه وصافحته، فقال لي: يا علي، إنه تغيرت حليتك في عيني حتى لم أثبتك، فما كان حالك ويحك؟ إن أهلك لما فقدوك أقاموا عليك النوائح، أين كنت؟
قلت: خرجت إلى البادية في أشياء استفدتها من العرب.
قال: ثم قمت من عنده إلى منزلنا.