يضارع المبنى من حال والمعرب من أخرى، فيحرك حركة لازمة فيصير كالمبني للزوم الحركة إياه، ويصير كالمعرب لأن الحركة داخلته وليست بمضطرٍ إليها، وذلك نحو قولك ضرب، وكل فعل ماض، ومع يا فتى؛ لأنك تقول جاءا معا يا فتى، ويا حكم ابدأ بهذا أول ومن عل. فما حكم هذا أن يكون ساكنا، بل يجب أن يكون بحركةٍ للدرج.

قال أبو الحسن: أيكون بأي حركةٍ شئت أو يكون بحركة معلومة؟ فقال: بابه أن يكون بالفتح لخفة الفتح، ولا يكسر لئلا يشبه ما حرك للضرورة، وبابه أن يكون مفتوحا حتى تقع علة تزيله عن الفتح. فمما فتح: مع، وفعل، وخمسة عشر. وما أزيل عن الفتح فبابه أن يزال إلى الضم كما أزيل الكسر إلى الفتح، وذلك: من قبل، وابدأ بهذا أول، ويا حكم. وذلك أن قولك من قبل ومن بعد ومن عل، وجئتك من قبل ومن بعد ومن عل، وجئتك قبل وبعد، وجئتك أول، إنما هو في موضع نصب أو خفض، فكرهوا أن يبنوها على الفتح فيشبه حركة ما عدلوها عنه، لأن الفتح بغير تنوين يكون جامعة للخفض والنصب، فبنوها على الضم لعدلها عن هذين الوجهين، ليخرجوها عن حد إعرابها البتة. وكذلك يا حكم في موضع أطلب حكما. فهذا كان مذهب أبي العباس، وهو مشاكل لمذهب سيبويه، وهم واضحٌ بين.

ثم سألته عن العلة التي توجب البناء فقال: الأسماء هي المتمكنة الأول، والأفعال وحروف المعاني لها تبع، وإنما وقع لها النقص في الإعراب –يعني ما لا ينصرف- والبناء، لمضارعتها في حال الأفعال وفي حال حروف المعاني. فكل اسم خرج من جملة الأسماء، التي وضعت للتمكن في التسمية والتمكن في الإعراب، إلى مضارعة الفعل، وجب أن تحمل تلك المضارعة على الفعل في نقص الإعراب عن جملة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015