حدث أبو توبة بن دراج قال: سمعت الفراء يقول:
كنا بالرقة، وكان الناس قد كثروا على الكسائي فشغلوه عنا، فعملت له مسائل فيها محالٌ وفيها صواب، فأقبل يقول فيصيب ويغلط، لما شغله من الناس، فلما صار إلى منزله كتب إلى رقعة فأعاد إلي فيها ما سألته عنه، فقال فيها بالصواب كلها. وقال: كنت مشغولا بمن كان عندي؛ وقد ظننت أنك أردت ببعض مسائلك أن تتغفلني، وقد قيل:
ولا تبغ التغفل إن فيه ... تفرق ذات بين الأصفياء
ولا ينبغي لمثلك أن يفعل معي ذلك.
وفي الكتاب:
وسوف تلوم نفسك إن بقينا ... وتبلو الناس والإخوان بعدي
قال الفراء: فبلغ مني هذا القول كل مبلغ، وكأني فجرت به منه بحرا.
قال: قال الفراء: لم نر مثل الكسائي ولا نرى مثله أبدا. كنا نظن إذا سألناه عن التفسير أنه لا يجيب فيه الجواب الثاقب، فإذا سألنه عنه أقبل يرمينا بالشهبان.