فلما فرغ من الطعام وقعد في مجلسه واندفعنا في الحديث وذهبت لأتكلم، فما ابتدأت بشيء من الحديث إلا استلبه مني فحدث الناس به، وربما زاد فيه على ما عندي؛ ولا أنشدته شعرا إلا فعل مثل ذلك. فغمني ذلك وانكسر بالي له، فما زلنا على ذلك بقية نهارنا.
فلما كان آخر وقتنا التفت إلي فقال: يا شعبي، قد والله تبينت الكراهة في وجهك لما فعلت، وتدري أي شيءٍ حملني على ذلك؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين. قال: لئلا تقول: لئن فازوا بالملك أولا لقد فزنا نحن بالعلم، فأردت أن أعرفك أنا فزنا بالملك وشاركناك فيما أنت فيه. ثم أمر لي بمال، فقمت من عنده وقد زللت أربع زلات.