تقول: ما ركبت ركبت، فذلك واقع على كل مركوب. وكقولك: من يأتني آته. فهذا واقعٌ على جميع الناس.
وأنت إذا قلت: ما أحسن زيدا فقد تعجبت من حسنه ولم تصف أن الذي حسنه شيءٌ بعينه، فلذلك لزمها أن تكون مبهمة غير مخصوصة، كما تقول: شيءٌ جاء بك، أي ما جاء بك إلا شيء. وكذلك: ((شر أهر ذا ناب)) ، أي ما أهره إلا شر. ومثله: إني مما أن أفعل كذا وكذا، يريد من الأمر أن أفعل كذا وكذا، فلما كان الأمر مجهولا كانت ما لإبهامها بغير صلة.
قال: فذهبت أتجاوز، واستحسنت ما سمعت، فقال لي: أقنعك هذا؟ فقلت: لا أعلم فيه شيئًا غيره. قال: فإن قيل لك: إذا قلت شيءٌ أحسن زيدا فقد أخبرت ولم تتعجب، فإذا وضعت ((ما)) في موضع شيء أين وقع التعجب؟ قال: فبقيت ولم تكن عندي جواب. فقال: الجواب في ذلك أن ما إنما صلح ذلك فيها لإبهامها وتصرفها. ألا ترى أنك تقول: ما أقمت أقمت، فتكون مؤقتة وحقيقتها أنها وصلتها مصدر. وكذلك ما صنعت يسرني، فإن شئت كانت في معنى الذي، وإن شئت كانت والفعل مصدرا، وتكون استفهاما وتكون جزاء، وتكون خبراً، وتكون نكرة في مثل قول:
ربما تكره النفوس من الأمر ... .. .... .... .... .... ....
وتقع لذات غير الآدميين، ولنعوت الآدميين كقولك: ما عبد الله؟ فيقال: شريف أو وضيع، أو غني أو فقير.