وَسَلِّمْ عَلَى مَاءٍ بِهِ بَرَدُ غُلَّتِي ... وَظِلِّ أَرَاكٍ كَانَ لِلوَصْلِ مَوْعِدِي
وَقُلْ لِحَمَامِ الْبَانَتَيْنِ مُهَنِّئًا ... تَغَنَّ خَلِيًّا مِنْ غَرَامِي وَغَرِّدِ
أَعِنْدَكُمْ يَا قَاتِلِينَ بَقِيَّةٌ ... عَلَى مُهْجَةٍ إِنْ لَمْ تَمُتْ فَكَانَ قَدِ؟
وَيَا أَهْلَ نَجْدٍ كَيْفَ بِالْغَوْرِ عِنْدَكُمْ ... بَقَاءُ تِهَامِيٍّ يَهِيمُ بِمُنْجِدِ؟
مَلَكْتُمْ عَزِيزًا رِقُّهُ فَتَعَطَّفُوا ... عَلَى مُنْكِرٍ لِلذُّلِ لَمْ يَتَعَوَّدِ
وَلَهُ:
يَا لَيْلَتِي بِحَاجِرٍ ... إِنْ عَادَ مَاضٍ فَارْجِعِي
أَرْضَى بِأَخْبَارِ الرَّيَاحِ ... وَالْبُرُوقِ الْلُمَّعِ
وَأَيْنَ مِنْ بَرْقَ الْحِمَى ... شَائِمَةٌ بِلَعْلَعِ
وَلابْنِ فَارِسٍ:
لَوْلا يُذْكَرُ مَنْ ذَكَرْتُ بِحَاجِرٍ ... لَمْ أَبْكِ فِيهِ مَوَاقِدَ النِّيرَانِ
يَا وَاقِفَيْنَ مَعِي عَلَى الدِّيَارِ طَالَمَا ... غَبَرْتُهُ بِهَا إِنْ كُنْتُمَا تَقِفَانِ
مَنَعَ الْوُقُوفَ عَلَى الْمَنَازِلِ طَارِقٌ ... أَمَرَ الدُّمُوعَ بِمُقْلَتِي وَنَهَانِي
إِنَّا لَنَجْتَمِعُ عَلَى الْبُكَاءِ وَكُلُّنَا ... نَبْكِي عَلَى شَجَنٍ مِنَ الْأَشْجَانِ
قَالَ شَاهُ بْنُ شُجَاعٍ الْكِرْمَانِيُّ: دَخَلْتُ الْبَادِيَةَ فَرَأَيْتُ غُلامًا أَمْرَدَ كَأَنَّهُ مُوَسْوَسٌ لا يَأْلَفُ أَهْلَ الْقَافِلَةِ، فَسَاعَةً يُشِيرُ إِلَى السَّمَاءِ وَسَاعَةً يَصِيحُ فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ فِي شَأْنِهِ، وَمِنْ أَيْنَ مَعَاشُهُ، وَمَا كَانَ مَعَهُ زَادٌ وَلا وِطَاءٌ، فَرَاقَبْتُهُ يَوْمًا فَدَخَلَ وَسَطَ شَجَرِ أُمِّ غَيْلانَ، فَتَبِعْتُهُ فَإِذَا هُوَ يَجْنِي مِنْ شَجَرِهِ شَيْئًا يَأْكُلُهُ، فَلَمَّا بَصُرَ بِي، أَنْشَأَ يَقُولُ:
بِاعْتِزَالِي عَنْكُمُ فِي الْخَلَوَاتِ ... صَارَ طُعْمِيَ التَّمْرُ فِي الْفَلَوَاتِ