أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأنَا الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ، أَنْبَأنَا ابْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَنْبَأنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ بُيُوتَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ هَدَمَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ، وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ، وَرَأَيْتُ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وَحُجْرَتَهَا مِنْ لَبِنٍ، فَسَأَلْتُ ابْنَ ابْنِهَا، فَقَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ، بَنَتْ أُمُّ سَلَمَةَ حُجْرَتَهَا بِلَبِنٍ، فَلَمَّا قَدِمَ نَظَرَ إِلَى اللَّبِنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الْبِنَاءُ؟» فَقَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَكُفَّ أَبْصَارَ النَّاسِ.
فَقَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّ شَرَّ مَا ذَهَبَ فِيهِ مَالُ الْمُسْلِمِ الْبُنْيَانَ»
وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ حُجَرَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ عَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَحَضَرْتُ كِتَابَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يُقْرَأُ، بِإِدْخَالِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ بُكَاءً مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ. . . وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا، يَنْشَأُ نَاشِئٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الأُفُقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّكَاثُرِ وَالْفَخْرِ.