رَوَى بُرَيْدَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَى مَكَّةَ أَتَى جِذْمَ قَبْرٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ، وَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ كَهَيْئَةِ الْمُخَاطِبِ وَهُوَ يَبْكِي، فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وكَانَ جَرِيئًا عَلَيْهِ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ قَالَ: «هَذَا قَبْرُ أُمِّي، سَأَلْتُ رَبِّي زِيَارَتَهُ فَأَذِنَ لِي، وَسَأَلْتُهُ الاسْتِغْفَارَ، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَذَكَرْتُهَا فَبَكَيْتُ» ، فَلَمْ يُرَ بَاكِيًا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِئِذٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنْبَأنَا ابْنُ الْعَلافِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْحِمَامِيُّ، أَنْبَأنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، أَنْبَأنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِلْحَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ وَقَفَ عَلَى عُسْفَانَ، فَنَظَرَ يَمِينًا وَشِمَالا فَأَبْصَرَ قَبْرَ أُمِّهِ آمِنَةَ، فَوَرَدَ الْمَاءَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَمْ يَفْجَأْنَا إِلا بِبُكَائِهِ، فَبَكَيْنَا لِبُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا الَّذِي أَبْكَاكُمْ؟» قَالُوا: بَكَيْتَ فَبَكَيْنَا.
قَالَ: «وَمَا ظَنَنْتُمْ؟» قُلْنَا: ظَنَنَّا أَنَّ الْعَذَابَ نَازِلٌ عَلَيْنَا.
قَالَ: «لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ» .