قَسَمًا حَقًّا، لَئِنْ كَانَ فِي الأَمْرِ رِضًى لَيَكُونَنَّ سُخْطٌ، إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دِينًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ وَلا يَرْجِعُونَ، أَرَضُوا فَأَقَامُوا؟ أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟ " ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يَرْوِي شِعْرَهُ؟» فَأَنْشَدُوهُ:
فِي الذَّاهِبِينَ الأَوَّلِينَ ... مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْتِ ... يَهِبْنَ لَهَا مَصَادِرْ
وَرَأَيْتُ قَوْمِي نَحْوَهَا ... تَمْضِي الأَصَاغِرُ وَالأَكَابِرْ
لا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ ... وَلا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ
أَيْقَنْتُ لا مَحَالَةَ أَنِّي ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ
قَوْلُهُ: إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُلْحِدِينَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ غَيْرُ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، فَبَيَّنَ أَنَّ فِي السَّمَاءِ خَبَرًا غَيْرَ مَا يَعْلَمُونَ، وَالْعِبْرَةُ تَعَرُّفُ مَا بَطَنَ بِمَا ظَهَرَ، وَالْخُرُوجُ مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ مِنْ قَوْلِكَ: عَبَرْتُ النَّهْرَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُسٍّ: «إِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ»