أَبْرَهَةُ: مَا كَانَ لِيَمْنَعَهُ مِنِّي.
قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: أَنْتَ وَذَاكَ.
فَأَمَرَ بِإِبِلِهِ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَرُءُوسِ الْجِبَالِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ إِذَا دَخَلَ، فَفَعَلُوا، وَأَتَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الْكَعْبَةَ، فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ، وَجَعَلَ يَقُولُ:
يَا رَبِّ لا أَرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا ... يَا رَبِّ فَامْنَعْ مِنْهُمْ حِمَاكَا
إِنَّ عَدُوَّ الْبَيْتِ مَنْ عَادَاكَا ... امْنَعْهُمْ أَنْ يُخَرِّبُوا قُرَاكَا
وَقَالَ أَيْضًا:
لاهَمَّ إِنَّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ ... رَحْلَهُ فَامْنَعْ حَلالَكَ
لا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ ... وَمِحَالُهُمْ غَدْوًا مِحَالَكَ
جَرُّوا جَمِيعَ بِلادِهِمْ ... وَالْفِيلَ كَيْ يَسْبُوا عِيَالَكَ
عَمَدُوا حِمَاكَ بِكَيْدِهِمْ ... جَهْلا وَمَا رَقَبُوا جَلالَكَ
إِنْ كُنْتَ تَارِكُهُمْ وَكَعْبَتَنَا ... فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكَ
ثُمَّ إِنَّ أَبْرَهَةَ أَصْبَحَ مُتَهِيِّئًا لِلدُّخُولِ، فَبَرَكَ الْفِيلُ، فَبَعَثُوهُ فَأَبَى، فَوَجَّهُوهُ إِلَى الْيَمِنِ رَاجِعًا، فَهَرْوَلَ، وَإِلَى الْمَشْرِقِ فَكَذَلِكَ، فَوَجَّهُوهُ إِلَى الْحَرَمِ، فَأَبَى، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى طَيْرًا مِنَ الْبَحْرِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ لَهَا خَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ الطَّيْرِ، وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلابِ.