وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي؟ فَقَالَ: عَلَيْكَ الأَذَانُ، وَعَلَيَّ الْبَلاغُ.
فَعَلا وَنَادَى: يَا عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ قَالَ مُجَاهِدٌ: فَلَبَّى كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَأُسْمِعَ مَنْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَأَجَابُوهُ مِنْ أَصْلابِ الرِّجَالِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، فَإِنَّمَا يَحُجُّ الْيَوْمَ مَنْ أَجَابَ يَوْمَئِذٍ.
ثُمَّ إِنَّ الْبَيْتَ انْهَدَمَ، فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ، فَبَنَتْهُ جُرْهُمٍ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ، فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ، وَكَانَ بِنَاءُ قُرَيْشٍ لِلْبَيْتِ وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلامٌ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُلُمَ، أَجْمَرَتِ امْرَأَةٌ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ فَأَحْرَقَتْ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ، فَوَهَى الْبَيْتُ، فَنَقَضَتْهُ قُرَيْشٌ وَبَنَتْهُ، فَلَمَّا أَرَادُوا وَضْعَ الرُّكْنِ، اخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَرْفَعُهُ مِنَ الْقَبَائِلِ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى أَوَّلِ دَاخِلٍ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلامٌ، فَحَكَّمُوهُ، فَقَالَ: هَاتُوا ثَوْبًا، فَأَخَذَ الرُّكْنَ، فَوَضَعَهُ فِيهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَمَرَ سَيِّدَ كُلِّ قَبِيلَةٍ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ قَالَ: ارْفَعُوهُ جَمِيعًا، فَلَمَّا رَفَعُوهُ وَضَعَهُ بِيَدِهِ.
قَالَ الْحَرِيري: أَنْبَأنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَيَّاطُ، أَنْبَأنَا ابْنُ دَوْسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ،