فَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ، فَمَا قَامَ إِلَيْهِ أَحَدٌ، ثم مضى حتى بدأ بالقبر، فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم] ، وسلم على أبي بكر وعمر، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الرَّبِيعِ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا رَبِيعُ، أَخْشَى أَنْ يَرَانِي ابْنُ عِمْرَانٍ فَيَدْخُلَ قلبه هيبة فيتحول عن مجلسه، وبالله إن فَعَلَ ذَلِكَ، لا وَلِيَ لِي وِلايَةً أَبَدًا.
قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ ابْنُ عِمْرَانٍ (وَكَانَ مُتَّكِئًا) ، أطلق رداءه عن عاتقه، ثم اجتبى به ودعا بالخصوم وبالجمالين، ثم دعى بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ، فَقَضَى لَهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الدَّارَ، قَالَ لِلرَّبِيعُ: اذهب، فإذا قام وخرج من عنده الْخُصُومِ، فَادْعُهُ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! وَاللَّهِ ما دعى بك إِلا بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مَنْ أُمُورِ النَّاسِ جميعاً. فدعاه، فلما دخل سَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ دِينِكَ وَعَنْ نَبِيِّكَ وَعَنْ حَسَبِكَ وَعَنْ خليفتك أحسن الْجَزَاءِ.
قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعَشْرَةِ آلافِ دِينَارٍ، فَاقْبِضْهَا. فَكَانَتْ عَامَّةُ أَمْوَالُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانٍ مِنْ تِلْكَ الصِّلَةِ.