فَذَهَبَ الرَّجُلُ إِلَى جَارِهِ يُعَاتِبُهُ عَلَى مَا فَعَلَ، فَبَكَى الْجَارُ وَقَالَ: قَدْ أَلْجَأْتَنِي إِلَى كَشْفِ حَالِي، إِنَّا مُنْذُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَمْ نطعم، فطبخنا ميتة فأكلنا، وعلمت أن ولدك يجد ما لا يحل له مَعَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةَ.
فَتَعَجَّبَ الرَّجُلُ وَقَالَ لِنَفْسِهِ: كَيْفَ النَّجَاةُ وَفِي جِوَارِكَ مِثْلُ هَذَا وَأَنْتَ تَتَأَهَّبُ لِلْحَجِّ؟ فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ وَأَعْطَاهُ الثَّمَانِ مئة درهم، فلما كانت عشية عرفة رأى ذا النون المصري فِي مَنَامِهِ وَهُوَ بِعَرَفَاتٍ كَأَنَ قَائِلا يَقُولُ: يَا ذَا النُّونِ! تَرَى هَذَا الزِّحَامَ عَلَى هَذَا الْمَوْقِفِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا حَجَّ منهم إلا رجل تخلف عن الموقف فَحَجَّ بِهَمِّهِ، فَوَهَبَ اللَّهُ لَهُ أَهْلَ الْمَوْقِفِ.
قال ذو النون: من هو؟ قيل: رَجُلٌ يَسْكُنُ دِمَشْقَ. فَذَهَبَ ذُو النُّونِ إِلَى دِمَشْقَ وَبَحَثَ عَنْهُ حَتَّى عَرَفَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ.