بَابُ ذِكْرِ اجْتِمَاعِ الشُّعَرَاءِ بِسُوقِ عُكَاظٍ وَتَنَاشُدِهِمُ الأشعار

قال الأصمعي: كان النابغة الذبياني يضرب لَهُ قُبَّةٌ مِنْ أَدَمٍ بِسُوقِ عُكَاظٍ، فَتَأْتِيهِ الشُّعَرَاءُ، فَتَعْرِضُ عَلَيْهِ أَشْعَارَهَا، فَأَوَّلُ مَنْ أَنْشَدَهُ الأَعْشَى، ثُمَّ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، ثُمَّ أَنْشَدَتْهُ الشعراء، ثُمَّ أَنْشَدَتْهُ الْخَنْسَاءُ أَبْيَاتَهَا الَّتِي تَقُولُ فِيهَا:

وإن صخراً ليأتم الْهُدَاةُ بِهِ ... كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ

فَقَالَ: وَاللَّهِ، لَوْلا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ أَنْشَدَنِي آنِفًا، لَقُلْتُ إِنَّكِ أَشْعَرُ أَهْلِ زَمَانِكِ مِنَ الجن والإنس. فقام حسان فقال: لا، أنا والله أَشْعَرُ مِنْهَا وَمِنْكَ وَمِنْ أَبِيكَ.

فَقَالَ لَهُ النابغة: حيث تقول ماذا؟ فقال: حيث أقول:

لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجده دما

ولدنا بني العنقاء وابني محرق ... فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابن أما

فقال له: يَا بُنَيَّ! إِنَّكَ قُلْتَ: ((لَنَا الْجَفَنَاتُ)) ، فَقَلَّلْتَ عددك، وقلت: ((يلمعن بالضحى)) ، ولو قلت: في الدجى، لكان فخراً، لأن الضيفان يكثرون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015