كان أبرهة بن الأَشْرَمِ قَدْ بَنَى بَيْعَةً، وَقَالَ: لأُضَيِّفَنَّ إِلَيْهَا حِجُّ الْعَرَبِ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، فَدَخَلَهَا لَيْلا، فَأَحْدَثَ فِيهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبْرَهَةَ، فَحَلَفَ لَيَسِيرَنَّ إِلَى الْكَعْبَةِ وَلَيَهْدِمَنَّهَا، فَسَارَ بِجُنُودِهِ، وَاسْتَصْحَبَ الْفِيلَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ، أمر أصحابه بالغارة على نعم النَّاسِ، فَأَصَابُوا إِبِلا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَبَعَثَ أَبْرَهَةُ بَعْضَ جُنُودِهِ، فَقَالَ: سَلْ عَنْ شَرِيفِ مَكَّةَ وأخبره أني لم آت لقتال، إنما جِئْتُ لأَهْدِمَ هَذَا الْبَيْتَ. فَانْطَلَقَ، فَلَقِيَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَلِكَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأُخْبِرَكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِقِتَالٍ، إِلا أَنْ تُقَاتِلُوهُ، إِنَّمَا جَاءَ لِهَدْمِ هَذَا الْبَيْتِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْكُمْ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: مَا لَهُ عِنْدَنَا قتال، وما لنا به يد أن سَنُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ لَهُ، فَإِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ، وَبَيْتُ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ [عليه السلام] ،