وأما الخيالات فإنها تثير الغلط كثيرًا من قبل أن كثيرًا من المعقولات لا تستقر في العقل إلا مقارنة بخيالات جسمانية، فيعسر على العقل تجريد صورها الخاصة من الخيال، مثل تصورنا ما قبل العالم: بأنه امتداد زماني، وخارج العالم: بأنه خلاء أو ملاء، ومن هنا ظن بعضهم أن الأشعة والظلمات والظلال أجسام، وأنت تعلم إذا تأملت هذا الموضع أعني موضع النقلة والإبدال أنه راجع [إلى ما] بالعرض، ولذلك قال أبو علي في الشفاء حين عد هذه المواضع: انظروا معشر المتعلمين إلى هذا الرجل العظيم - يعني أرسطو، وتأملوا هل زاد أحد بعده في هذه المواضع، ما يستحق الزيادة وبينا وبينه المدة التي هي قريب من ألف وثلاثمائة وثلاثين سنة. وكان شيخنا أبو عبد الله الآبلي، يقول: إن أبا علي إنما عرض بأبي نصر حين زاد بزعمه موضع النقلة، وأقول: أما نحن فقد نبهنا على مواضع الغلط محصورة بالطريق الصناعي ممثلة تمثيلا بتقريب يؤيد الفهم.
فهذه نبذة إن أنت حققتها سهل عليك الوقوف على مثارات الغلط في الأدلة العقلية والفقهية عند الاستقراء.