وخبر: (والذي نفسي بيده لا يحب رجل الأنصار حتى يلقى الله تبارك وتعالى وهو يحبه، ولا يبغض الأنصار رجل حتى يلقى الله تبارك وتعالى وهو يبغضه) .

وصح عن أنس رضى الله تعالى عنه قال: افتخرت الحيان من الأنصار: الأوس والخزرج، فقالت الأوس للخزرج: منا غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب - أي لأنهم غسلوه يوم أحد لموته جنبا، كان يجامع أهله فسمع الدعاء للقتال فخرج، واستشهد - ومنا من اهتز له عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومنا من حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا من أجيزت شهادته شهادة رجلين خزيمة بن ثابت.

وثال الخزرجيون: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ولم يجمعه غيرهم: زيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل) .

وصح خبر: (من أحب الأنصار أحبه الله، ومن أبغض الأنصار أبغضه الله) .

وخبر: (من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضى أبغضهم) .

وأخرج الشيخان وغيرهما عن أنس قال: قالت الأنصار يوم فتح مكة: أعطى قريشا، والله إن هذا لهو العجب، سيوفنا تقطر من دماء قريش، وغنائمنا ترد عليهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فدعا الأنصار، وقال: (ما الذي بلغني عنكم؟) وكانوا لا يكذبون، فقالوا: هو الذي بلغك.

فقال: (أو لا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم، وترجعون برسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وكرم ومجد وشرف وعظم وفخر - إلى بيوتكم، لو سلكت الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادى الأنصار أو شعبهم) .

وفي رواية صحيحة: (والذي نفسي بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلكت الناس شعبا، والأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار) فبكى الأنصار حتى خضبوا لحاهم، وقالوا رضينا برسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قسما وحظا.

وفي البخارى: (لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت وادى الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار) .

وصح أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال على المنبر: (ألا إن الناس دثار، والأنصار شعار، ولو سلك الناس واديا، وسلك الأنصار واديا لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة كنت امرأ من الأنصار، فمن ولى أمر الأنصار فليحسن إلى محسنهم، وليتجاوز عن مسيئهم، ومن أفزعهم، فقد أفزعني) .

وروى الطبراني في أكبر معاجمه بسند فيه مقال: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قسم غنائم حنين، ففضل كثيرا من قبائل العرب، فبلغه من الأنصار ما سبق، فقال: (يا معشر الأنصار ألم يمن الله عليكم بالإيمان، وخصكم بالكرامة، وسماكم بأحسن الأسماء أنصار الله وأناصر رسوله، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا، وسلكتم واديا لسلكت واديكم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بهذه الغنائم الشاة والغنم والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم) .

فلما سمعت الأنصار قول رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قالوا: رضينا. قال: أجيبوني فما قلب؟ قال الأنصار: يا رسول الله صلى الله عليك وعلى آلك وصحبك وسلم وجدتنا في ظلمة، وأخرجنا الله بك إلى النور، ووجدتنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله بك، ووجدتنا ضلالا فهدانا الله بك، فرضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، فاصنع يا رسول الله ما شئت في أوسع الحل.

فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (أما والله لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت صدقتهم، لو قلتم ألم تأتنا طريدا، فآويناك، ومكذوبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وقبلنا ما رد الناس عليك، لو قلتم هذا لصدقتم) .

فقال الأنصار: بل لله المن علينا، والفضل على غيرنا، ثم بكوا وكثر بكاؤهم، وبكى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم معهم.

وفي البخاري عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قال: خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وعليه ملحفة متعطفا بها على منكبيه، وعليه عصابة دسماء، حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد، أيها الناس فإن الناس سيكثرون، وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولى منكم أمرا يضر فيه أحدهم أو ينفعه، فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015