وفي خبر سنده مرسل جيد أن أبا قتادة الأنصاري قال لخالد بن الوليد يوم فتح مكة: (هذا يوم يذل الله فيه قريشا) فقيل يا رسول الله ألا تسمع ما يقول أبو قتادة، فقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (مهلا يا أبا قتادة إنك لوزنت حلمك مع حلومهم، لحقرت حلمك مع حلومهم ولوزنت رأيك مع آرائهم لحقرت رأيك مع آرائهم، ولوزنت فعلك مع أفعالهم لحقرت فعلك مع أفعالهم، لا تعلموا قريشا، وتعلموا منهم، فلولا أن تبطر قريش لأخبرتهم بما لهم عند رب العالمين) .
وصح خبر: (إن الرجل من قريش قوة رجلين من غير قريش) أي من حيث الرأي، قاله الزهرى.
وفي حديث حسن: (أيها الناس لا تقدموا قريشا فتهلكوا، ولا تتخلفوا عنها فتضلوا، ولا تعلموها، وتعلموا منها فإنهم أعلم منكم، لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله) .
وفي آخر حسن أيضا: (التمسوا الأمانة في قريش، فإن أمين قريش له فضل على أمين من سواهم، وإن قوى قريش له فضل على قوي من سواهم) .
وفي خبر في سنده مقال: (قدموا قريشا، ولا تقدموها، وتعلموا من قريش ولا تعلموها، لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لخيارها عند الله) .
وفي خبر حسن: (العلم في قريش، والأمانة في الأنصار) .
وخبر: (الأمانة في الأزد، والحياء في قريش) في سنده مجاهيل. وأخرج الطبراني عن عدى بن حاتم قال: كنت قاعدا عند النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم حين جاء من بدر، فقال رجل من الأنصار: وهل لقينا إلا عجائز كالجزر المعلقة فنحرناها، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى رأيته كأنه تفقا فيه حب الرمان، ثم قال: (يا ابن أخي لا تقل ذلك، أولئك الملأ الأكبر من قريش، أما لو رأيتهم في مجالسهم بمكة لهبتم، فوالله لأتيت مكة فرأيتهم قعودا في المسجد في مجالسهم فما قدرت أن أسلم عليهم من هيبتهم، فذكرت قول رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لو رأيتهم في مجالسهم لهبتم) .
قال عدى بن حاتم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (يا معشر الناس أحبوا قريشا، فإن من أحب قريشا فقد أحبني، ومن أبغض قريشا، فقد أبغضني، إن الله حبب إلى قومي، فلا أتعجل لهم نعمة، ولا استكثر لهم نعمة، اللهم إنك أذقت أول قريش نكالا، فأذق آخرها نوالا، ألا إن الله تعالى علم ما في قلبي من حبي لقومي فسرني فيهم، قال الله عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسئَلون) .
فجعل الذكر والشرف لقومي في كتابه: (وَأَنذِر عَشيرَتَكَ الأَقرَبين، وَاِخفِض جَناحَكَ بِمَن اِتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنين) ، يعني قومه، والحمد لله الذي جعل الصديق من قومي، والشهيد من قومي، والأئمة من قومي، إن الله تعالى قلب العباد ظهرا وبطنا فكان خير العرب قريش، وهي الشجرة المباركة التي قال الله تعالى: (مَثَلاً كَلِمَةٍ طَيِّبَىٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) قريش (أَصلُها ثابِتٌ) يقول: أصلها كريم، (وَفَرعُها في السَّماءِ) يقول الذي أشرف شرفهم الله بالإسلام الذي هداهم له، وجعلهم أهله، ثم أنزل فيهم سورة محكمة في كتابه: (لإِيلافِ قُرَيشٍ. إِيلافَهِم رِحلَةَ الشِّتاءَ وَالصَيفِ فَليَعبُدوا رَبَّ هذا البَيتِ الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ، وَآمَنَهُم مِن خَوف) .
قال عدى: ما رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ذكرت عنده قريش بخير قط إلا سر، حتى يبين السرور في وجهه، وكان يتلو هذه الآية ب (وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَومِكَ وَسَوفَ تُسئَلون) .
أعل هذا الحديث بأن فيه وهما من بعض رواته، فإن إسلام عدى بن حاتم تم متأخرا، ولم يقدم على النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم حين جاء من بدر كما وقع في هذا الحديث، وإنما جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في شعبان سنة تسع من الهجرة، ولأن في سنده من لا يعرف.
أخرج الطبراني في خبر: (أحبوا قريشا، فإن من أحبهم أحب الله عز وجل) . وفيه عبد المهيمن منكر الحديث.
ومر حديث (حب قريش إيمان، وبغضهم كفر) .
وفي خبر حسن: (بغض بني هاشم والأنصار كفر، وبغض العرب نفاق) .
وفي خبر: قيل للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إن فلانا الثقفي قتل، وقد أسلم، فقال: (أبعده الله إنه كان يبغض قريشا) .