بجعله أكثر من لفظ، وإنما نضعفه بسبب الاقتصادر عليه، إذ حفظت لنا أوجه أخرى من الاختلاف ليست من اللهجات في شيء, كما سنرى بوضوح.

وإذا كنا في الاختلاف في اللهجات لا نجد إلا تنوعا في صفات الأداء في اللفظ الواحد، ففي اختلاف اللغات نجد أحيانا تباينا بين لفظ وآخر في موضوع واحد، ولو أمكننا حصر اللغات العربية المختلفة هذا النوع من الاختلاف في سبع لا تزيد ولا تنقص, وقبل منا هذا الحصر في غير تردد، ومن غير شعور بتعسفنا فيه، لكانت هذه اللغات السبع هي الأحرف السبعة من غير ما حاجة إلى الجدل العقيم, ولكن التعسف في الموضوع أوضح من أن يخفى على ذي بصر سواء أكانت لغات العرب هذه هي لغات قريش وهذيل, وتميم, وأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر1، أو كانت لغات قبائل مضر خاصة, وهي هذيل وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرباب، وأسد بن خزيمة، وقريش2, لأن في القرآن الكريم ألفاظا من لغات قبائل أخرى غير التي ذكرت على كلا الرأيين، تمثلت كلها في لغة قريش، وبلغ أبو بكر الواسطي3 بتعدادها أربعين لغة في كتابه "الإرشاد في القراءات العشر", فكلمة "اخسئوا" بمعنى اخزوا بلغة عذرة, وكلمة "بئيس" بمعنى شديد بلغة غسان، وكلمة "لا تغلوا" بمعنى لا تزيدوا بلغة لخم, وكلمة "حصرت" بمعنى ضاقت بلغة اليمامة، وكلمة "هلوعا" بمعنى ضجرًا بلغة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015