محمد بن سعدان النحوي1، ولكن القول بأن المراد بها القراءات -كما حكي عن الخليل بن أحمد- هو أضعف الأقوال بلا ريب2، ولا سيما إذا توهم القائل أنها ما يسمى بالقراءات السبع3.

واختلاف العلماء في تحديد المراد من "الأحرف" المذكورة في الحديث أثار عددا من الأقوال المتضاربة في حقيقة الذي أنزل، فرأى فيه بعضهم خمسة وثلاثين وجها4، وبلغ بها آخرون أربعين5، وأكثرها لا يؤيده نقل صحيح ولا منطق سليم. ومنشأ الخطأ فيها إرادة التعيين على سبيل القطع والجزم مع أنه لم يأت في معناها -كما يقول ابن العربي: "نص ولا أثر, واختلف الناس في تعيينها"6.

ولم يكن بد من أن يتساءل العلماء: هل العدد محصور في سبعة أحرف أم المراد التوسعة على القارئ ولم يقصد به الحصر؟ فالذين يستبعدون الحصر هنا يغالون في هجران النصوص البالغة درجة التواتر -كما أسلفنا- مع أن تواردها على عدد "السبعة" لا يعقل أن يكون غير مقصود، ولا سيما إذا لوحظ أن الحديث يتناول قضية ذات علاقة مباشرة بالوحي وطريقة نزوله، وفي مثل هذه الأمور لا يلقي الرسول صلى الله عليه وسلم الخبر غامضًا، ولا يذكر عددا لا مفهوم له، فما نقل عنه علماء الصحابة هذا في شيء له بالاعتقاد صلة.

ولكن قوما ممن لا يبالون بالنصوص ولا يتورعون في هجرانها أو إخراجها عن ظاهرها تسرعوا فرأوا "أنه ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015