بنقط القرآن حين خاطب الحجاج كتابه وسألهم أن يضعوا علامات على الحروف المتشابهة1. وتكاد هذه الرواية تنطق بأن نصرا كان أول من نقط المصاحف2، ولكنها تظل -مع ذلك- أضعف من أن تفصل في هذا الخلاف برأي يقيني قاطع.

ولئن تعذر إطلاق الحكم بأن أبا الأسود أو ابن يعمر أو نصرا كان أول من نقط المصاحف، فلا يتعذر القول بأنهم أسهموا جميعا في تحسين الرسم من وتيسير قراءة القرآن على الناس. ولا ريب بعد هذا أن للحجاج -مهما تختلف آراء الناس فيه، ومهما تك نياته الشخصية- عملا عظيما لا سبيل إلى إنكاره في الإشراف على نقط القرآن, والحرص عليه.

وكلما امتد الزمان بالناس ازدادت عنايتهم بتيسير الرسم القرآني، وقد اتخذ هذا التيسير أشكالا مختلفة، فكان الخليل3 أول من صنف النقط, ورسمه في كتاب، وذكر علله4، وأول من وضع الهمزة والتشديد والروم والإشمام5. ولا يكاد أبو حاتم السجستاني6 يؤلف كتابه عن نقط القرآن وشكله حتى يكون رسم المصاحف قد قارب الكمال. حتى إذا كان نهاية القرن الهجري الثالث بلغ الرسم ذروته من الجودة والحسن، وأصبح الناس يتنافسون في اختيار الخطوط الجميلة، وابتكار العلامات المميزة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015