نسخت المصاحف العثمانية خالية من الشكل والنقط, فاحتملت -بكتابتها على هذا النحو- عددا من الوجوه والقراءات التي كان الناس في الأمصار يميزون بينها بالسليقة، فلا يحتاجون لقراءتها سليمة إلى الشكل بالحركات ولا الإعجام بالنقط. وقد ظل الناس -كما يقول أبو أحمد العسكري "ت382"- يقرءون القرآن في مصحف عثمان بضعا وأربعين سنة، حتى خلافة عبد الملك، وحينئذ كثرت التصحيفات وانتشرت في العراق1.
وأكبر الظن أنه لا يراد "بالتصحيفات" في هذه العبارة إلا ما كان يقع فيه الناس من اللبس في قراءة بعض كلمات القرآن وحروفه بعد أن اختلطوا بغير العرب، وبدأت العجمة تمس سلامة لغتهم2. وفي خلافة عبد الملك سنة 65 للهجرة خاف بعض رجال الحكم أن يتطرق التحريف إلى النص القرآني إذا ظلت المصاحف غير مشكولة، ولا منقوطة3، ففكروا بإحداث أشكال معينة تساعد على القراءة الصحيحة، وفي هذا المجال يذكر كل من عبيد