شاذًا1 لمخالفته أخبار الثقات، ولو صح الرسم للقراءة به، كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ، ففي القراءات الآحادية الشاذة: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ". وغني عن البيان بعد هذا أن كل لفظ قرآني لم يتواتر في قراءته أكثر من وجه كان يكتب برسم واحد فقط، وأن كل ما صح فيه تواتر أكثر من وجه وتعذر رسمه في الخط محتملا لجميع الوجوه، كان لا بد أن يلجئ الناسخين إلى كتابته في بعض المصاحف بوجه، وفي بعضها الآخر بوجه ثانٍ، كقوله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} فقد تواتر فيه وجه آخر صحيح "وأوصى" بالهمز لا بالتضعيف، ولذلك كتب في بعض المصاحف العثمانية بالتضعيف وفي بعضها الآخر بالهمز2. على أن هذا النوع الأخير قليل جدا، وقد ذكر محصورا في آيات معدودة في أكثر الكتب المؤلفة حول "المصاحف".

ولكي يزيد عثمان من إقبال الناس على تلقي القرآن من صدور الرجال واعتمادهم على الحفظ وعدم اتكالهم على النسخ والكتابة، راح يرسل في الأكثر الأغلب مع المصحف الخاص بكل إقليم حافظًا يوافق قراءته، فكان زيد بن ثابت مقرئ المصحف المدني، وعبد الله بن السائب مقرئ المكي، والمغيرة بن شهاب مقرئ الشامي، وأبو عبد الرحمن السلمي مقرئ الكوفي، وعامر بن عبد القيس مقرئ البصري3.

أما إحراق عثمان للمصاحف الفردية فلم يقدم عليه إلا بعد مشورة وتأييد من الصحابة الكرام، فهذا سويد بن غفلة يقول: "قال علي: لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015