عمرو الداني1 في المقنع: "أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف جعلها على أربع نسخ، وبعث إلى كل ناحية واحدًا: الكوفة والبصرة والشام, وترك واحدًا عنده. وقد قيل: إنه جعله سبع نسخ. وزاد: إلى مكة وإلى اليمن وإلى البحرين. قال: والأول أصح، وعليه الأئمة"2. أما السيوطي فيرى "أن المشهور أنها خمسة"3. وإذا أضفنا إليها المصحف الإمام الذي حبسه لنفسه بالمدينة أصبحت ستة، وكما رددنا الخمسة إلى ستة بإضافة المصحف الإمام نستطيع أن نرد السبعة إلى ستة إذا لم نجعل في عدادها ذلك المصحف المذكور. لذلك نميل إلى الرأي القائل: إن اللجنة استنسخت سبعة مصاحف، فأرسل عثمان بستة منها إلى الآفاق، واحتفظ لنفسه بواحد منها، ويزيدنا ميلا إلى هذا الرأي ما علمناه من تمكن بعض الأفراد من الحصول على نسخ لأنفسهم أخذوها من مصحف عثمان، كما فعل عبد الله بن الزبير وأمهات المؤمنين عائشة وحفصة وأم سلمة رضي الله عن الجميع4. ويخيل إلينا أنه ليس من المنطق أن يأذن الخليفة عثمان لبعض الأفراد -مهما يبلغ نفوذهم- بالحصول على نسخ من مصاحفه الرسمية، ثم يضن على الأمصار الإسلامية بنسخ من هذه المصاحف توحد كلمتهم وتقضي على أسباب النزاع بينهم، ولا سيما بعد أن اتضح لنا أن اختلاف المسلمين في قراءة القرآن كان الباعث الأساسي على تفكير عثمان بنسخ كتاب الله في المصاحف.

وأيا ما تكن عدة تلك المصاحف على وجه اليقين، فإنها جميعا تماثلت في اشتمالها على القرآن كله: مائة وأربع عشرة سورة خالية من النقط والشكل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015