ينبئنا هذا النص الصحيح بخمسة أمور على جانب عظيم من الأهمية:

أولا- إن اختلاف المسلمين في قراءة القرآن كان الباعث الأساسي على أمر عثمان باستنساخ صحف حفصة وجمعها في مصاحف. فلا مستند لبلاشير وغيره من المستشرقين في التشكيك بنيات عثمان في جمع القرآن، فمن أين لهم أن هذا الخليفة إنما سعى إلى تحقيق هذا العمل العظيم بدافع من نزعته "الأرستقراطية"، فلم يجمع كتاب الله -بزعمهم- إلا باسم الطبقة "الأرستقراطية" المكية التي كان خير ممثل لها1؟!

لا مستند لهم في شيء من هذا إلا خيالهم الخصيب، وظنهم الكاذب..

وإلا فأين الرواية التاريخية الصحيحة التي تثبت دعواهم؟ وهل يفضل عاقل الأخذ بتخرصاتهم على ما أورده رجل كالبخاري ما عرف التاريخ من يضارعه في الثقة والضبط والأمانة؟

ثانيا- إن اللجنة التي كلفت بهذا العمل كانت رباعية2.

وإذا استثنينا زيد بن ثابت الذي كان مدنيا من الأنصار، لاحظنا أن الأعضاء الثلاثة الباقين كلهم مكيون من قريش3. وهؤلاء الأربعة جميعا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015