الأزهر الشريف ومعاهده في مصر، وكليتي الشريعة بجامعتي دمشق وبغداد، لأن الجانب الفقهي الذي تعنى به تلك الصروح العلمية، صانها الله من عبث الأيام، لا ينبغي أن يعدو على الجانب الأدبي، فما عرف التأدب بأدب القرآن إلا متمما للتفقه بأحكامه في جميع العصور الإسلامية، ولا معدل عن أن يظل كل منهما يكمل الآخر في عصرنا الأدبي الحديث!.

ولعل هذا هو الذي حملني على أن أقصر الباب الرابع الأخير- في هذه الطبعة- على التفسير والإعجاز، فتتبعت نشأة التفسير وتطوره، وأوضحت كيف يتيسر تفسير القرآن بالقرآن، وربط هذا كله بمفهومنا الفني الحديث للإعجاز محاولا بث الحياة في مصطلحات البلاغة القديمة لدى تصور التشبيه والاستعارة والكناية وأنواع المجاز، ورددت سحر القرآن -بالمقام الأول- إلى إيقاعه الداخلي، وخصصت هذا الإيقاع بفصل جديد ربما وجده القارئ موجزًا وتمنى أن لو كان أكثر إسهابا، ولكنه في نظري كاف لتكوين فكرة صالحة عن استجماع القرآن كل مزايا النثر والشعر بأسلوب فذ عجاب!.

والله أسأل أن يجعل كل حرف كتبته، وكل سطر سطرته، وكل فكرة دعوت إليها في هذه "المباحث" خالصة لوجهه الكريم.

بيروت غرة جمادى الأولى 1385

صبحي الصالح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015