المجمل وهو ما لم تتضح دلالته1، أو هو -بعبارة أوضح- ما له دلالة على أحد أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه. وقد أنكر داود الظاهري2 وقوعه في القرآن3، والأصح وقوعه غير أنه لا يبقى على إجماله ولا سيما في الأمور التي شعرها الله لعباده وأمرهم بها.
وفي إجمال النص ضرب من الغموض ينشأ من أحد الأسباب الآتية:
غرابة لفظه: "كالهلوع" فقد فسره السياق القرآني في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} 4.
أو وقوع الاشتراك فيه، كلفظ "عسعس" في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَس} 5 فإنه صالح لإفادة الإقبال والإدبار6. أو اختلاف مرجع الضمير, نحو {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} 7 يحتمل عود ضمير الفاعل في "يرفعه" إلى ما عاد عليه ضمير "إليه" وهو الله, ويحتمل عوده إلى العمل، والمعنى: أن العمل الصالح هو الذي يرفعه الكلم الطيب، ويحتمل عوده إلى الكلم أي: إن الكلم الطيب -وهو التوحيد- يرفع العمل الصالح، لأنه لا يصح العمل إلا مع الإيمان8.
أو التقديم والتأخير، نحو {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمّىً} 9 أي: ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما10.
على أن هذا الغموض العارض الناشئ عن تردد المجمل بين أمرين لا يلبث أن يزول, فإذا ورد عليه بيانه سمي مفصلا أو مفسرًا أو مبينا.