بكم عظيم المصبية"1.
أما تفاسير الباطنية الذين يقتصرون على الأخذ بباطن القرآن ويهملون ظاهره، مستدلين بقوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} 2 فيسل فيها إلا التأويلات الفاسدة المخالفة لأصول الشرع وقواعد اللغة، وتفاسير الباطنية أشد بعدا عن النسق القرآني من تفاسير التصوف والتفاسير الإشارية, وإن كانت تشترك جميعا في مخالفة ظاهر القرآن واستلهام معان ما أنزل الله بها من سلطان.
د- هذا وإننا نضطر أحيانا للرجوع إلى نوع معين من التفاسير: فإذا كنا نبحث عن النكات البلاغية رجعنا إلى الزمخشري، وإذا التمسنا المباحث الكلامية رجعنا إلى الرازي، وإذا أردنا إعراب القرآن فعلينا بالبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي "المتوفى سنة 745" ففيه كثير من المباحث النحوية، والمسائل المتعلقة بالقراءات، ولم نجد فيه ما نسلكه به في عداد التفسير بالرأي, كما أنه لا يعنى بالنصوص النبوية إلا قليلا، فليس من باب التفسير بالمأثور.
هـ- وقد ألفت في القرن الأخير تفاسير لبعض العلماء المعاصرين فيها محاولات للتجديد، وأقلها نصيبا من النجاح -بلا ريب- "الجواهر في تفسير القرآن" لطنطاوي جوهري، فإن في تفسيره كل شيء ما عدا التفسير. أما تفسير المنار للسيد محمد رشيد رضا فإنه نمط خاص في تأويل كلام الله، يرجع به مؤلفه غالبا إلى آثار السلف محاولا التوفيق بينها وبين مقتضيات العصر الحاضر، ويحالفه النجاح في أكثر هذه المحاولات، إلا أنه أحيانا يستمسك ببعض الآراء الضعيفة ويدافع عنها بقوة وعناد، والمنهج الذي يصدر عنه يدل -بوجه عام- على تعمقه للأسلوب القرآني، ودراسته له على أنه للهداية والإعجاز. ولسيد قطب في تفسيره "ظلال القرآن" لمحات موفقة في فهم أسلوب القرآن في التعبير والتصوير، إلا أن الغرض الأول منه تبسيط المبادئ