ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} 1. فالسابق من رجحت حسناته والمقتصد من استوت حسناته وسيئاته، والظالم المرتكب لبعض المحرمات، على رأي، والسابق المخلص، والمقتصد المرائي، والظالم كافر النعمة غير الجاحد لها على رأي ثان، والسابق هو الذي تمحض للخير، والمقتصد هو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا، والظالم هو المرجأ إلى امر الله، على رأي ثالث، وهكذا2، وهي أقوال كما ترى ليس بينها تناف ولا تعارض.

جـ- وتفاسير الفرق الإسلامية المختلفة ترجع -في الحقيقة- إلى التفسير بالرأي، غير أنها تدخل في النوع المذموم منه، لأن أصحابها لم يؤلفوها إلا لتأييد أهوائهم، أو الانتصار لمذاويقهم ومواجيدهم، من ذلك تفاسير المعتزلة والمتصوفة والباطنية.

ويغلب على تفاسير المعتزلة الطابع العقلي, والمذهب الكلامي، تبعا لقاعدتهم المشهورة "الحسن ما حسنه العقل، والقبيح ما قبحه العقل"3، ولا ترد النصوص النبوية فيها إلا على أنها شيء ثانوي، نادرا ما يلجئون إليه لشرح معاني الآيات، وخير من يمثل هذه النزعة العقلية في التفسير الزمخشري "محمود بن عمر الملقب بجار الله المتوفى سنة 538هـ" في كتابه "الكشاف" الذي يمتاز بإيراد النكات البلاغية وتحقيق بعض وجوه الإعجاز، بطريق الفنقلة "أي: إن قلت قلت"، وهو إلى ذلك خال من الإسرائيليات التي تكثر في بعض كتب التفسير بالمأثور, وعبارته بليغة موجزة ليس فيها حشو وتطويل.

وإليك نموذجا من تفسيره: قال في بيان قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015