ليس بجسم ولا متحيز ولا مشار إليه، ظن أن هذا عدم ونفي محض، فيقع في التعطيل، فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما تخيلوه وما توهموه، ويكون ذلك مخلوطا بما يدل على الحق الصريح، فالقسم الأول -وهو الذي يخاطبون به في أول الأمر- من باب المتشابه، والقسم الثاني وهو الذي يكشف عن الحق الصريح وهو المحكم"1.
وللعلماء في متشابه الصفات مذهبان:
الأول: مذهب السلف، وهو الإيمان بهذه المتشابهات وتفويض معرفتها إلى الله تعالى. سئل الإمام مالك عن الاستواء فقال: "الاستواء معلوم, والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، وأظنك رجل سوء، أخرجوه عني"2.
والثاني: مذهب الخلف، وهو حمل اللفظ الذي يستحيل ظاهره على معنى يليق بذات الله. وينسب هذا المذهب إلى إمام الحرمين3، وجماعة من المتأخرين.
ولتوضيح المذهبين نذكر بعض الآيات القرآنية الواردة في متشابه الصفات. فمن ذلك {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 4، و {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} 5، و {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} 6، {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} 7، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} 8 {وَلِتُصْنَعَ عَلَى