وإنا لنذهب في رسم القرآن مذهبا أبعد من هذا، فلا نرى جواز مخالفته لمجرد الحجج التي أوردها الباقلاني، بل نأخذ برأي العز بن عبد السلام الذي يقول: "لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة، لئلا يؤدي إلى دروس العلم. وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاة لجهل الجاهلين، ولن تخلو الأرض من قائم لله بالحجة"1.
وملخص هذا الرأي الأخير أن العامة لا يستطيعون أن يقرءوا القرآن في رسمه القديم, فيحسن بل يجب أن يكتب لهم بالاصطلاحات الشائعة في عصرهم، ولكن هذا لا يعني إلغاء الرسم العثماني القديم لأن في إلغائه تشويها لرمز ديني عظيم اجتمعت عليه الكلمة, واعتصمت به الأمة من الشقاق, ففي الأمة دائما علماء يلاحظون هذه الفروق الضئيلة في طريقة الرسم العثماني, ومن الممكن -مع ذلك- كما اقترحت مجلة الأزهر أن ينبه في ذيل كل صفحة من صفحات المصحف على ما عسى أن يكون فيها من الألفاظ المخالفة للاصطلاح الحديث في الخط والإملاء2.