ومعاني كثيرة، وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها، ولا يدركون شيئا من المعاني الإلهية التي أشير إليها! فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن حرفا بحرف"1.

وعلى هذا الأساس، لم يجد الزرقاني في "مناهله" بأسا في أن يعد من مزايا الرسم العثماني "دلالته" على معنى خفي دقيق كزيادة -الياء- في كتابة كلمة "أيد" من قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد} إذ كتبت هكذا "بأييد" وذلك للإيماء إلى تعظيم قوة الله التي بنى بها السماء، وأنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة، وهي: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى2.

ولا ريب أن هذا غلو في تقديس الرسم العثماني، وتكلف في الفهم ما بعده تكلف3، فليس من المنطق في شيء أن يكون أمر الرسم توقيفيا، ولا أن يكون له من الأسرار ما لفواتح السور، فما صح في هذا التوقيف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مجال لمقارنة هذا بالحروف المقطعة التي تواترت قرآنيتها في أوائل السور، وإنما اصطلح الكتبة على هذا اصطلاحا في زمن عثمان، ووافقهم الخليفة على هذا الاصطلاح، بل وضع لهم دستورا يرجعون إليه في الرسم عند الاختلاف في قوله للثلاثة القرشيين: "وإذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش, فإنما نزل بلسانهم"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015