الجدل العقيم، ويصل قلوبهم بربهم علام الغيوب: فالموضوع الذي هدفت إليه السورة هو -بالمقام الأول- بناء العقيدة بناء سليما في ذات الله، وفي شئون الغيب الموكولة إلى علم الله.
وفي السورة بعد ذلك ومضات سريعة تخللت بعض مقاطعها مصغرة للقيم المادية1، معرضة بفناء الدنيا وسرعة زوالها2، داعية إلى صبر الأنفس مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي, مؤكدة أن الاعتزاز الحقيقي إنما يكون بالإيمان والتقوى3، وأن الكافرين بلقاء ربهم هم الأخسرون أعمالا4. ولا ريب أن تخلل السورة بهذه الومضات السريعة يتناسق مع محورها الأساسي الذي رأيناه يدور حول بناء العقيدة, فلا بد في هذا البناء من تصحيح النظر إلى قيم الأشياء ومقاييس الحياة.
ومع سورة "إبراهيم" ننتهي إلى الحلقة الأخيرة المختارة من سور المرحلة المكية الختامية, فيخيل إلينا أننا نواجه فيها تكرارا لحقائق شديدة الشبه بما عرفناه في تحليل السور المكية الماضية، ولا سيما في أواخر المرحلة الثانية، وأن عيوننا تقع فيها أيضا على مشاهد مكررة وكأنها ظلال المشاهد السابقات: