الشراب"1، ويضاعف لهم هذا النعيم بأنبل صحبة وأسماها وأحلها مع أزواجهم الحييات المصونات من الحور الحسان الناعمات.

وإنهم لفي نعيمهم هذا إذ يذكر أحدهم قرينا له كان في الدنيا يكذب بالبعث والنشور, فيذهب السعداء لتفقد هذا القرين والتطلع إلى مصيره، فيجدونه في وسط الجحيم، ويوجه السعيد إلى قرينه الشقي كلمات التأنيب، وفي خلالها يحمد الله على أن جعله وإخوانه من الأتقياء المخلصين.

ويطلق القرآن هنا الموازنة إلى أبعد مدى، وهو يبسط أمام المكذبين الجاحدين الفرق الشاسع بين تقلب السعداء في أعطاف النعيم وغصص الأشقياء وهم يأكلون من شجرة الزقوم، وهي شجرة جهنمية خبيثة تناهت في القبح وإثارة الرعب حتى أشبهت رءوس الشياطين التي يتصورها الخيال أقبح ما تكون2، وكلما احترقت حلوقهم من الظمأ واللهيب شربوا ماء حميما غاليا عكرا فقطع أمعاءهم, وكلما التمسوا ملجأ يقيهم هذا الويل الشديد ردوا إلى قعر جهنم، وساءت مستقرا ومقاما.

ويذكر القرآن هؤلاء الضالين بأسباب ضلالهم، فإنهم مقلدون يهرعون على آثار آبائهم، ولا يقارنون مقارنة منطقية بين مصيرهم المظلم ومصير المؤمنين المشرق السعيد، ولكن أسلافهم ضلوا من قبل مع أن النذر أرسلوا فيهم متتابعين، فلم ينج من العذاب العاجل إلا المصطفون الأخيار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015