وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "أي مهملاً لا يؤمر ولا ينهى"1.
وقال غيره: لا يثاب ولا يعاقب، والقولان واحد لأن الثواب والعقاب غاية الأمر والنهي فهو ـ سبحانه ـ خلقهم للأمر والنهي في الدنيا والثواب في الآخرة.
فأنكر ـ سبحانه ـ على من زعم أنه يترك سدى إنكار من جعل في العقل استقباح ذلك واستهجانه وأنه لا يليق أن ينسب ذلك إلى أحكم الحاكمين، ومثله قوله ـ تعالى ـ: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} 2.
فنزه نفسه ـ سبحانه ـ: "وباعدها عن هذا الحسبان، وأنه يتعالى عنه ولا يليق به لقبحه ولمنافاته لحكمته وملكه وإلهيته" أ. هـ3.
فالله تعالى ـ لا يخلق شيئاً إلا لحكمة بالغة قد تغيب عن فهم الإنسان وقد يعييه إدراكها:
قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوات وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 4.
وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} 5.
وللناس في صفة الحكمة آراء ثلاثة:
1 ـ زعم الأشاعرة6 والفلاسفة أن الله ـ تعالى ـ لا يفعل شيئاً لغرض وليس له غاية