الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيرهما إقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء"1.
وأما الإمام أحمد بن حنبل فقد قال عنه يوسف بن موسى القطان شيخ أبي بكر الخلال قال: قيل لأبي عبد الله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه، وقدرته وعلمه بكل مكان؟ قال: "نعم هو على عرشه لا يخلو شيء من علمه"2، وكلام الأئمة وغيرهم في إثبات صفة العلو للباري ـ جل وعلا ـ كثير، وكلهم مجمعون على القول بعلو الله وفوقيته على جميع خلقه اتباعاً لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة والتابعين.
وكما تقرر إثبات علو الله تعالى وفوقيته على خلقه بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، كذلك دلت الفطرة والعقل على علوه ـ تعالى ـ وفوقيته.
"أما الفطرة فإنه قد تقرر في فطر بني آدم علمائهم وجهالهم، أحرارهم ومماليكهم ذكورهم وإناثهم، بالغيهم وأطفالهم، وحتى الكفار منهم يعلمون يقيناً بأنه ـ تعالى ـ عالٍ على جميع المخلوقات إذ كل من دعى الله منهم فإنما يرفع رأسه إلى السماء ويمد يديه إلى العلي الأعلى لا إلى أسفل"3.
وكم من إنسان إذا أراد جلب ما ينفعه، أو كشف ما يضره شخص ببصره إلى السماء إضافة إلى رفع يديه إلى جهة العلو إلى من يعلم السر وأخفى فيتوجه إليه بقلبه لعلمه أن المعبود ـ سبحانه ـ فوقه، وأنه إنما يدعى من أعلى لا من أسفل، وليس الإنسان وحده فحسب هو الذي عرف أن الله يدعى من أعلى لا من أسفل بل الحيوانات قد عرفت أن الله ـ تعالى ـ في السماء أي ـ جهة العلو ـ ولذلك فإنها ترفع رأسها عند الجدب والقحط تستمطر ربها وفي هذا إبطال لقول الجهمية أن الله في كل مكان فقد أخرج الحاكم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خرج نبي من الأنبياء يستسقي فإذا هو