قال العلامة ابن جرير1: "فإن قال قائل: ومن القرآن شيء أحسن من شيء قيل له: القرآن كله حسن وليس معنى ذلك ما توهمت، وإنما معناه: واتبعوا مما أنزل إليكم ربكم من الأمر والنهي والخبر والمثل والقصص والجدل والوعد والوعيد أحسنه، وأحسنه أن تأتمروا لأمره وتنتهوا عما نهى عنه، لأن النهي مما أنزل في الكتاب، فلو عملوا بما نهوا عنه كانوا عاملين بأقبحه ـ أي العمل ـ فذلك وجهه" أ. هـ2.
فهذه الآيات الخمس من الآيات المحكمة التي أثبتت علو ـ الباري سبحانه ـ على جميع خلقه وأنه ـ جل جلاله ـ في السماء أي: "العلو" لا كما يزعمه أهل الباطل من الجهمية المعطلة من أنه ـ تعالى ـ في أسفل الأرضين، بل هو ـ تعالى ـ في السماء كما أخبر بذلك عن نفسه في مواضع كثيرة من كتابه، وأكد ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة.
قال ابن خزيمة3 ـ رحمه الله تعالى ـ: "إن الرب ـ جل وعلا ـ في السماء لا كما قالت الجهمية المعطلة أنه في أسفل الأرضيين فهو في السماء" أ. هـ4.
وقد وردت آيات كثيرة في الكتاب العزيز كلها تدل دلالة قطعية على إثبات علوه ـ تعالى ـ على خلقه وأنه ليس تحت الأرض ولا في كل مكان كما يزعم ذلك أهل الزيغ والباطل ومن تلك الآيات ما يلي:
أحدها: أنه سبحانه وتعالى صرح بفوقيته المقترنة بأداة "من" المعينة للفوقية بالذات. قال تعالى: {وَللهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} 5.