فلنجهز وجبات الإفطار للفقراء والمساكين ونجلس معهم نشاركهم طعامهم ونشعرهم بإخوتنا لهم .. ومع تذكرنا لهؤلاء علينا ألا ننسي إخواننا المكروبين في كثير من بلدان العالم والتي يعاني أهلها من الظلم والإضطهاد والجوع والحرمان، ولنتذكر بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا)).
إذا ما نظرنا للأسباب التي من أجلها يتشاحن الناس لوجدناها صغيرة وتافهة نفخ فيها الشيطان حتى أوقع القطيعة بين الأب وإبنه، والجار وجاره، والصديق وصديقه .. في هذا الجو المسمم تكثر الظنون وتقطع الأرحام، وتتوارث العداوات، لذلك كان السعي للإصلاح بين الناس فضل عظيم، قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (النساء: 114).
ولقد وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم القائم بهذا العمل الجليل بدرجة أعلى من درجة الصائم القائم المتصدق لما في ذلك من إشاعة جو التراحم والتواد بين أفراد المجتمع. قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلي، قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة)) فلننتهز فرصة دخول رمضان فنسعى بين المتخاصمين والمتدابرين ولنذكرهم بقول الله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (النساء: 128).
ولنبدأ بأنفسنا فنعفو عمن ظلمنا، ونحسن لمن يسيء إلينا، ولنكن قدوة لغيرنا في الحلم والأناة وسعة الصدر.
من صور الإحسان العظيمة السعي في قضاء حوائج الناس. ولأن المحسن رجل قد سعى إلى خدمة الآخرين حباً في الله وشفقة علي خلقه كان جزاؤه من جنس عمله. قال صلى الله عليه وسلم: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلي الله عز وجل سرور تدخله علي مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضى عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كتم غيظاً - لو شاء أن يمضيه أمضاه - ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشي مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له، أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل)). أما الساعي علي الأرملة والمسكين فله أجر خاص. قال صلى الله عليه وسلم: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار)).
إن هذه الأحاديث لا تحتاج إلى تعليق سوى الإجتهاد في تلمس حوائج الناس والمبادرة إلى قضائها، ولقد كان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجاً ليقضي له حاجه فيقول: ((ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها)).
لقد نجح إبليس في إغواء الكثير من الناس فصرفهم عن عبادة ربهم وشغلهم بزينة الحياة الدنيا، وسار بهم في طريق يؤدي بهم إلى النار فهل نتركهم وشأنهم أم نحاول إنقاذهم؟!!
يقول تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت: 33) فلا سبيل لإيقاظ هؤلاء المساكين إلا بدعوتهم إلي الله. ولقد رغب -سبحانه وتعالى- عباده المؤمنين للقيام بهذه المهمة فجعل مقامها: مقام الأنبياء والرسل، أما أجرها فلا حدود له.
فهل لنا يا أخي أن ننال شرف هذه المهمة ونعمل علي إنقاذ من حولنا من النار؟
هل لنا أن نستفيد من أجواء رمضان حيث النفوس طيعة والشياطين مصفدة؟