القوة، والتي يحرّم عليها دينها ويأبى وضعها وفطرتها أن تتحول أمة جاهلية.

هذه هي الأمة التي يكن أن تعود في حين من الأحيان خطراً على النظام الجاهلي الذي بسطته أوروبا في الشرق والغرب وأن تحبط مساعيها.

وقد وصف هذا الخطر شاعر الإسلام الحكيم ((محمد إقبال)) في قصيدته البديعة: (برلمان إبليس) على لسان إبليس، ذكر فيها أن الشيطان وزملاء إبليس وأعوانه اجتمعوا في مجلس شورى، وتباحثوا في سير العالم وأخطار الغد وفتنة، وما يتوجسون من خيفة على نظامهم الإبليسي ومهمتهم الشيطانية، فتذكروا في فتن وأخطار قد أحدقت بهم وهددت نظامهم، وجللوا خطبها وتناذروا شرها، فذكروا أحدهم الجمهورية وحسب لها حساباً كبيراً، فقال الثاني: لا يهولنك أمرها فإنها ليست إلا غطاء للملوكية، ونحن الذين كسونا الملوكية اللباس الجمهوري، إذا رأينا الإنسان بدأ يتنبه ويفيق ويشعر بكرامته، وخفنا ثورة على نظامنا قد لا تحمد عاقبتها، فألهيناه بلعبة الجمهورية، وليس الشأن في الأمير والملك. إن الملوكية لا تنحصر في وجود شخص ترتكز فيه الملوكية وفرد يستبد بالسلطان، إنما الملوكية أن يعيش الإنسان عيالاً على غيره مستشرفاً إلى متاع غيره، سواء في ذلك الشعب والفرد. أما رأيت نظام الغرب الجمهوري وجه مشرق وضاح وباطنه أظلم من باطن جنكيز خان؟ .

فقال الآخر: لا بأس إذا بقيت روح الملوكية، ولكن ماذا يقول النائب المحترم في هذه الفتنة الدهماء التي أثارها هذا اليهودي الذي يدعى كارل ماركس ذلك الباقعة الذي ليس نبياً ولكنه يحمل عند أتباعه كتاباً مقدساً، هل عندك نبأ أنه أقام العالم وأقعده، وأثار العبيد على السادة حتى تزعزعت مباني الإمارة والسيادة؟ .

فقال الآخر مخاطباً رئيس المجلس: يا صاحب الفخامة، إن سحرة أوربا وإن كانوا مريديك المخلصين ولكني لم أعد أثق بفراستهم، ها هو السامري اليهودي الذي هو نسخة من مزدك (الزعيم الفارسي الاشتراكي) قد كاد يأتي على العالم بقواعده فاستنسر البغاث، وأصبح الصعاليك يزحمون الملوك بالمناكب ويدفعونهم بالراح (أعلام أرض جعلت بطائحاً) إنا قد استهنا بخطب هذه الحركة الاشتراكية وها هي قد استفحلت نفاقم شرها، وها هي الأرض ترجف بهول فتنة الغد، سيدي إن العالم الذي كنت تحكمه سينقض عليك، إذا ينقلب النظام العالم ظهراً لبطن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015