ملكه، وبعد ذلك بسنة استأثر الله بصلاح الدين.

ويحسن بنا أن ننقل هنا ما علق المؤرخ الانكليزي Stanley Lave people على هذه الهدنة في كتابه عن صلاح الدين، وبه نستطيع أن نعرف قوة العالم الإسلامي ووحدته تحت قيادة صلاح الدين:

((انتهت الحرب المقدسة التي استمرت خمسة أعوام، لقد كان المسلمون قبل انتصارهم في معركة حطين في يوليه سنة 1187م ولا يملكون قيراطاً من الأرض غربي نهر الأردن، أما في سبتمبر سنة 1192م لما وقع الصلح في الرملة فقد ملكوا البلاد كلها إلا سلسلة ضيقة تمتد من صور إلى يافا كان المسيحيون لا يزالون يملكونها، ولم تكن هذه الهدنة مما يخجل لها صلاح الدين ويتأسف، لقد بقي معظم ما فتحه الصليبيون في حوزة الإفرنج، ولكن كانت النتيجة تافهة جداً بالنسبة إلى خسائر الأموال والنفوس. فقد زحفت أوربا كلها إلى الأرض المقدسة لما استفزها البابا للغزو الصليبي، وبذل القيصر فريدرك وملوك انكلترا وفرنسا وصقلية وليوبولد النمساوي والدوق البرجندي والكونت الفلاندري مئات من النبلاء والمشاهير وأمراء الشعوب المسيحية وملك حكومة القدس المسيحية وملوك الحكومات النصرانية في فلسطين وفرسان طبقة الداوية وطبقة الإسبتار وأبطالها، لقد بذل هؤلاء كلهم كل ما في وسعهم للاستيلاء على القدس ولتزدهر الحكومة المسيحية التي كانت مركزها القدس، والتي أشرفت على الانقراض. ولكن ماذا كان مصير هذه الجهود كلها؟ مات القيصر فريدرك في هذه المدة، ورجع ملوك انكلترا وفرنسا إلى بلادهم ودفن كثير من زملائهم الأمراء والنبلاء في أرض إيليا وبقي القدس في حوزة صلاح الدين، كما كان، ولم يكن من حظ المسيحيين إلا إمارة عكة الصغيرة على الساحل.

لقد وقف العالم المسيحي وقفة رجل واحد إزاء المسلمين، ولكنه لم يستطع أن يزحزح صلاح الدين عن مكانه، كان جيش صلاح الدين قد أعياه الجهاد الطويل والمتاعب العظيمة، وقد ظل أعواماً طوالاً مرابطاً مناضلاً مكافحاً عدواً قوياً جداً لكن لم يسمع من جندي واحد أنين أو شكاة. أنهم لم يتأخروا يوماً في الحضور ولم يضنوا قط بالنفائس والنفوس كلما دعاهم صلاح الدين للجهاد وكلما استفزهم للقتال، وربما شكا أحد الأمراء التابعين له في بعض أودية دجلة البعيدة من هذه النجدة التي لا تكاد تنتهي ولكن قدموا بعوثهم وحضروا لجيوشهم

لنصرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015