تدنو رويداً رويداً إلى الإسلام، ولا يشعر أهلها بسيرهم كما لا يشعر أهل الكرة الأرضية بدورانهم حول الشمس، يظهر ذلك في فلسفتهم وفي دينهم وفي أدبهم وفي مدنيتهم، وتشف عن ذلك بواطنهم وضمائرهم، وتنم عنه الحركة الإصلاحية التي ظهرت فيهم حتى بعد انحطاط المسلمين.

جاء الإسلام بالتوحيد ونعى على الوثنية والشرك، فهان الشرك منذ ذلك اليوم في عيون أهله وصغر، وصار أهله يخجلون منه ويتبرؤون منه ولا يقرون به، بعدما كانوا يجتهدون في إظهاره ويستميتون في الدفاع عنه، وأصبح أهل كل دين يؤولون ما في نظامهم الديني من شرك أو مظاهر شرك ووثنية ورسومها وتقاليدها ويلوون بذلك ألسنتهم، ويجتهدون في التعبير عنه وشرحه بما يقرب إلى التوحيد الإسلامي ويشبهه.

يقول الأستاذ أحمد أمين: ((ظهر بين النصارى نزعات يظهر فيها أثر الإسلام. من ذلك أنه في القرن الثامن الميلادي أي في القرنين الثاني والثالث الهجريين ظهرت في سبتمانيا (SePtimania) (?) حركة تدعو إلى إنكار الاعتراف أمام القسس، وأن ليس للقسس حق في ذلك، وأن يضرع الإنسان إلى الله وحده في غفران ما ارتكب من إثم، والإسلام ليس له قسيسون ورهبان وأحبار، فطبيعي أن لا يكون فيه اعتراف)) .

وكذلك كانت حركة تدعو إلى تحطيم الصور والتماثيل الدينية (Iconoclasts) ذلك أنه في القرن الثامن والتاسع للميلاد أو القرن الثالث والرابع الهجري، ظهر مذهب نصراني يرفض تقديس الصور والتماثيل، فقد أصدر الإمبراطور الروماني "ليو" الثالث أمراً سنة 726 م يحرم فيه تقديس الصور والتماثيل، وأمراً آخر سنة 730 م يعد الإتيان بهذا وثنية، وكذلك كان قسطنطين الخامس وليو الرابع، على حين كان البابا جريجوري الثاني والثالث

وجرمانيوس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015