اسم أم صلاح الدين الأيوبي التي زرعت فيه روح البطولة؟ وما اسم زوجة الشيخ أحمد ديدات التي كانت تسهر على علاجه لتسع سنوات قضاها مشلولًا في فراشه؟ وما اسم أبطال الإسلام الذين ضحوا بأرواحهم ليدمروا إمبراطورية فارس إلى الأبد؟ إنهم المجهولون العظماء في أمة الإسلام. لذلك أضع في هذه السطور قصة عظيمٍ واحدٍ منهم عرفانًا لكل هؤلاء بالجميل لما قدَّموه لأمة الإسلام في كل العصور.
كل ما نعرفه عن بطلنا هذا أنه غلام دون العشرين من عمره، وأنه ينتمي إلى قبيلة الأزد القحطانية التي خرَّجت الكثير من عظماء هذه الأمة، وقصة بطولته في اليرموك تبدأ عندما خرج فارس ضخم من جيش الروم يطلب المبارزة قبل أن تبدأ المعركة كعادة الجيوش قديمًا، عندها ومن بين جيش المسلمين الذي يكفي أن نقول أنه كان يضم بين صفوفه 100 من البدريين، خرج غلامٌ من الأزد لا يعرفه أحد وهو دون العشرين، فجرى ناحية أبي عبيدة بن الجراح وقال له: يا أبا عبيدة إني أردت أن أشفي قلبي، وأجاهد عدوي وعدو الإسلام، وأبذل نفسي في سبيل اللَّه تعالى لعلي أرزق بالشهادة فهل تأذن لي؟ فهزت هذه الكلمات قلب أبا عبيدة بن الجراح، فأذن له، فمشى هذا الغلام الأزدي ليقابل مصيره ولكنه توقف فجأة. . . . فأدار وجهه تجاه أبي عبيدة وعيونه تشرق نورًا في لقطة أشك أن باستطاعة أي مخرج في العالم تصويرها، فنظر في عيني أبي عبيدة عامر ابن الجراح وقال له كلمات لا تنبع إلا من شباب أمة الإسلام: يا أبا عبيدة، إني عازمٌ على الشهادة، فهل تُوصيني بشيء أوصله إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ وما أن سمع أمين هذه الأمة هذه الكلمات أجهش أبو عبيدة في البكاء فقال له والدموع تبلل لحيته:
"أَقْرِأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مني ومن المسلمين السلام وقل له يا رسول اللَّه. . . جزاك اللَّه عنّا خيرًا، وإنَّا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا"
فانطلق ذلك الغلام الأزدي كلأسد الجارح نحو العملاق الرومي وقاتله حتى قتله، فأخذ فرسه وسلاحه وسلمهما إلى المسلمين، فعلت صيحات اللَّه أكبر في جيش الموحدين، ثم عاد الغلام من جديد إلى جيش الروم وصاح بهم صيحة هزت كيانهم: هل من مبارز؟ فخرج له فارس ثاني لا يقل ضخامة عن سابقه، فبارزه بطلنا فقتله، فتقدم رومى ثالث فقتله، ثم رابع فقتله، فتعجب الروم من أمر ذلك الغلام الذي يقبل على