{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}
" ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام"
"ألا إن عقر دار المؤمنين الشام"
(رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-)
نتحول الآن إلى عظيمٍ من عظماء بلاد الشام المباركة، مع شابٍ عظيمٍ ضحى بزهرة شبابه في سبيل الإسلام، ولكن قبل أن نسرد حكايته البطولية دعونا نرجع إلى عام 1798 م، ولنترك بلاد الشام قليلاً ولنتجه إلى أرض الكنانة مصر، هناك على شواطئ الإسكندرية تتقدم سفن غازية بقيادة القائد الفرنسي الإيطالي الأصل (نابليون بونابرت) في حملة عسكرية درسناها في مناهجنا باسم مزيف ألا وهو "الحملة الفرنسية على مصر" والحقيقة التي أخفاها عنا واضعو تلك المناهج المتعفنة أن اسم هذه الحملة الحقيقي هو "الحملة الصليبية الفرنسية على مصر"! فلقد آن الأوان لهذه الأمة أن تسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية من دون أي مجاملة أو مذلة، وإن كان أحد في شك من صليبية هذه الحملة فليتابع معي بداية القصة ولينظر إلى ما صنعه أولئك القتلة بالمصريين، أقصد هنا بالمسلمين فقط من المصريين!
في البداية أظهر نابليون أنه لم ياتِ إلّا لنشر الحضارة والرقي في أرجاء مصر، فبعث برسالة إلى شريف مكة (غالب بن مسعود) وإلى مشايخ وأعيان الأزهر يزعم فيها بأنه قد هدم الكنائس في أوروبا، وأنه خَلَعَ بابا روما قبل قدومه إلى مصر، وأنه عاشقٌ للنبي محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل هو -أي نابليون- نصير للدين الإسلامي! إلّا أن هذه الخدعة القديمة لم تنطوِ على الموحدين من أهل المحروسة، فاشتعلت شرارة "ثورة القاهرة الأولى" ضد الفرنسيين، عندها ظهر الفرنسيون على حقيقتهم، واتضح أن دعاة الثقافة والحضارة ما زالوا يحملون في صدورهم إرثًا صليبيًا قبيحًا، فاقتحم الفرنسيون الأزهر بخيولهم، وداسوا على كتاب اللَّه بأقدامهم، ونصبوا المدافع على "جبل المقطم" ودكوا أحياء مصر