لحزيران سنة 921 ميلادية عندما قاد عالم إسلامي جليل اسمه الشيخ (أحمد بن فضلان) بعثة دعوية خرجت من "بغداد" -عاصمة النور آنذاك- بتكليف من الخليفة العباسي (المقتدر باللَّه) رحمه اللَّه إلى قلب القارة الآسيوية تلبية لطلب ملك الصقالبة البلغار (ألمش بن يلطوار) الذي طلب التعريف بالدين الإسلامي، عله يجد تفسيرًا للغز الكبير المثار وقتها ألا وهو "كيف استطاع هذا الدين الآتي من قلب الصحراء أن يكوّن تلك الإمبراطورية الضخمة التي لم تضاهها أي إمبراطورية في تاريخ الأرض؟ "
وأستسمح القارئ الكريم مرة أخرى لأقف عند نقطتين مهمتين قبل أن نغوص في مغامرات بطلنا الشيقة.
(النقطة الأولى): كثيرٌ منّا للأسف يعتقد أن الدولة العباسية كانت دولة مفككة، والحقيقة أن هذا شيء عارٍ عن الصحة التاريخية، فلا شك أن الدولة العباسية -كحال كل دول الأرض- ضعفت في نهاياتها، ولكن الشيء الذي لا يعرفه الكثير أن أبرز علماء الأمة -بما فيهم البخاري نفسه- ظهروا في العهد العباسي، وكما كان الأمويين يرسلون البعثات إلى العالم للدعوة للإسلام تحت مسمى "رجال الملابس البيضاء"، فقد كان للعباسيين رحمهم اللَّه دعاة عُرِفوا في أرجاء العالم باسم "رجال الملابس السوداء"!
(النقطة الثانية): التشويه الرهيب الذي صنعه الغرب بتاريخ المسلمين ومن بينهم أحمد بن فضلان بطبيعة الحال، فالشيء المضحك المبكي في الأعمال الفنية التي صنعها الغرب لأحمد بن فضلان من روايات وأفلام، أنهم ادّعوا أن الخليفة العباسي "المقتدر باللَّه" رحمة اللَّه عليه إنما اختار ابن فضلان لهذه البعثة لكي يبعده عن عشيقته التي كان الخليفة الإسلامي متيمًا بها، وأنا لا أعجب من أولئك المزوِّرين الذين زوروا كتب اللَّه من قبل، ولكني أعجب من الشعوب الأوروبية والأمريكية من عوام الناس الطيبين، أليس بهم رجلٌ رشيدٌ يتساءل كيف للخليفه الإسلامي الذي يحكمها من شرقها إلى غربها أن يعجز من التخلص من رجل واحدٍ من رعيته بدون استخدام هذه الطريقة الرخيصة؟! والحق أقول أنني أضحك الآن وأنا أكتب هذه الكلمات، فلقد تذكرت الآن قصة وردت في "الكتاب المقدس" أعتقد أنها مصدر التحريف الذي وضعوه لابن فضلان، فهذه القصة متطابقة تمامًا مع القصة المحرفة التي وضعوها لصاحبنا، فهذه