{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}
" العرب مادة الإسلام"
(عمر بن الخطاب)
ما ترددت في شيء في هذا الكتاب منذ بدايته إلى حد الآن بمثل ما ترددت في الكتابة عن هذا العنصر البشري المتمثل في أحد شعوب أمة الإسلام المتنوعة، ألا وهو العنصر الإسلامي العظيم "العرب"! فمن ناحية تاريخية بحتة لا يمكن لباحث تاريخي أن يكتب كتابًا يضم في صفحاته مائة نموذجٍ إسلامي كان لهم دور رائد في الإسلام، دون أن يذكر العرب من بينهم، فلقد ذكرت في هذا الكتاب عظماء الإسلام العظماء متنقلًا ما بين رجل وسيدةٍ ومجموعاتٍ فكرية وقومياتٍ إثنية، ولقد ذكرت من قبل البربر والكرد والأتراك ومؤمني فارس والهنود الحمر كقوميات إثنية ضحت من أجل السلام، فأصبح لزامًا علي ذكر قومية العرب التي كانت أول قومية تؤمن عن بكرة أبيها برسالة محمد بن عبد اللَّه الذي هو عربي بالأساس! ورغم كل هذا، ترددت طويلًا في ذكر القومية العربية بالتحديد لدرجة دفعتني أن ألغي بالفعل فكرة الكتابة عنهم من الأساس، قبل أن أرجع عن قراري بعض مفاوضات طويلة بيني وبين نفسي استغرقت أسابيعًا طويلة، توصلت من خلالها إلى ضرورة الكتابة عن العرب، بل إلى وجوب الكتابة عنهم في هذه الفترة الزمنية بالذات، والتي يُهاجم فيها العرب من جميع الاتجاهات! والحقيقة أن ترددي ذلك لم يكن نتيجة إغفالي لقيمة العرب القيادية في تاريخ الحضارة الإسلامية العربية، بل كان ذلك التردد يرجع بالأساس إلى عاملين اثنين:
(أولًا): الجذور العربية القبلية لكاتب هذا العمل، والتي ترجع إلى قبيلة "الأزد" العربية القحطانية!
(ثانيًا): الحساسية السياسية المعقدة التي تربط بين أصحاب الفكر القومي وكثير من الجماعات الإسلامية!