" يا محمد بن مسلمة. . . . جاهد بهذا السيف في سبيل اللَّه، حتى إذا رأيت أمتي يضرب بعضهم بعضًا، فائت به أُحَدًا (أي: جبل أحد) فاضرب به حتى ينكسر، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية"
(رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-)
تعجب الناس من صنيع رجلٌ من الأنصار أخذ سيفه وذهب به إلى "جبل أحد" عند أطراف المدينة، ليضرب به الصخور الصمَّاء لذلك الجبل الشامخ، فلقد كان هذا الرجل الطويل الأسمر الشديد السمرة يضرب بيديه الضخمتين ذلك الجبل بضرباتٍ تزلزل الأرض من حوله، فيتردد صداها في عنان السماء، ليتطاير الشرر في كل اتجاه، وهو يضرب بالسيف وكأنه يريد أن يُحطم أحدًا تحطيمًا، حتى جاءت تلك اللحظة التي انكسر بها نصل ذلك السيف، ليقف ذلك الرجل لبرهة وهو ينظر إلى سيفه المكسور متأملًا، قبل أن يرجع بهدوء إلى بيته في المدينة، ليأخذ متاعه، ويرحل إلى صحراء "الربذة" ليعتزل الفتنة التي قامت بين المسلمين رافضًا أن يلطخ سيفه بدماء المسلمين أيًا كان السبب، فلقد كان ذلك السيف هو نفسه السيف الذي أعطاه إياه قائده الأعلى محمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شخصيًا ليجعله رجل المهمات الصعبة، فلقد كان هذا القائد العسكري الأسمر هو الصحابي العملاق: محمد بن مسلمة!
أعلم علم اليقين أننا جميعًا نعرف قصة أبي بكر، ونعرف أيضًا قصص الفاروق الشيقة، ولا شك أننا سمعنا بكرم ذي النورين عثمان، وبطولة ابن أبي طالب، وفروسية خالد، وربَّما سمع البعض منّا عن أبي عبيدة، وربما مررنا مرور الكرام أمام طلحة والزبير، ولكن هل هؤلاء فقط هم أصحاب محمد؟!! ألا يستحق صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قليلًا من الذكر لما قدّموه لصاحبهم الذي نزعم نحن حبَّه؟ كم اسمًا من أسماء الصحابة