ورقة صغيرة فيها آية من كلام واللَّه، أو إذا وجدوا البيت خاليًا من لحم الخنزير أو الخمور، عندها تبدأ أصعب مرحلة من التعذيب والذي لا يُوصف بكلمات، ولقد استغربت بالفعل خلال زيارتي لمدينة "غرناطة" قبل عامٍ من الآن، من سر شراهة سكان ولاية الأندلس الإسبانية بالتحديد للحم الخنزير الذي يبيعونه في كل مكان، بل إنني عندما أردت أن أطلب طبق طعامٍ مكونٍ من الأسماك البحرية، تفاجأت أنهم يخلطون لحم الخنزير مع السمك!
والآن لنبقى مع شهادة أحد الجنود الفرنسيين المسيحيين الذين أرسلهم نابليون بونابرت سنة 1808 م في حملة عسكرية على إسبانيا، ليروي لنا بنفسه ما الذي وجده الفرنسيون في كنائس الإسبان بعد مرور أكثر من 300 سنة من التعذيب المستمر للمورسكيين المسلمين:
"أخذنا حملة لتفتيش أحد الأديرة التي سمعنا أن فيها ديوان تفتيش، وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا الدير وممراته وأقبيته كلها. فلم نجد شيئًا يدل على وجود ديوان للتفتيش. فعزمنا على الخروج من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهمًا باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تطفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن اللفتنانت "دي ليل" استمهلني قائلًا: أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتى الآن؟!! قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئًا مريبًا. فماذا تريد يا لفتنانت؟! قال: إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف فإن قلبي يحدثني بأن السر تحتها. عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة -وكنا نرقب الماء- فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف. فصفق الضابط "دي ليل" من شدة فرحه، وقال ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب رئيس الدير. أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق،